على ناصية وطن ... ناصية الأحزان

الغريب كتب:مدخل :
يقول معاوية بن أبي سفيان:  " ان ثلث الحكمة فطنة ، و ثلثيها تغافل ".


" ... سمعت يوما عن والدة أحمد بن بلة التي ، رغم ما كانت عليه من ضعف بنية و قصر قامة، ادهلت الفرنسيين بشجاعتها. فعندما اعتقلوا ابنها و ساقوها اليه قصد احباط معنوياته و تعديبه برؤيتها ، فاجأتهم بأن لم تقل له و هي تراه مكبلا سوى (( الطير الحر ما يتخبطش)) و ادركوا لاحقا بأنها بدلك المثل الشعبي كانت تحثه على ان يكون نسرا كاسرا لا عصفورا ينتفض خوفا في يد العدو.
لكن الحياة كانت تعد لها امتحانا آخر، فبعد استقلال الجزائر خرج بن بلة زعيما من سجن العدو ليجد معتقلات وطنه مشرعة في انتظاره سبعة عشر سنة اخرى. لم يسمح لتلك المرأة العجوز برؤيته سوى بعد سنتين من اعتقاله ، يومها و لاهانة ابنها تم تعريتها و تفتيشها و تركت ترتجف بردا على مرآى كلاب حراسة الثورة. لم تصمد كهولتها امام هواء التاريخ ، ماتت بعد فترة وجيزة من جراء نزلة القهر بردا على مرمى العيون اللامبالية لوطن له القدرة على مسخ النسور الكواسر الى عصافير مدعورة.
في زنزانته اصبح دلك النسر الدي كان اسمه  بن بلة عصفورا يرتجف يتما . عندما لم يعد من حق جناحيه اللدين تربى ريشهما في السجون الفرنسية ان يحملاه لمرافقة جنازة امه.
كان عليه ان ينتظر خمسة عشر سنة لتفتح له الزنزانة على مضض، و يطير كعصفور مهيض الجناح ليحط باكيا على قبرها . "

أحـــلام مستغـــانمـــي
عــابــر ســريـر